ترحيب

.....مرحبا بكل الزوار الأوفياء

22 مارس 2009

مقال


أحلام اليقظة



عماد أرجاز الشرفاوي



وأنا أهم هذه السنة مغادرة أسوار جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، بعدما منحني القدر أخيرا دخول غمار التكوين والدراسة مع رفاق وزملاء جدد في حضن "صاحبة الجلالة"، أتذكر كلام أحد أساتذة اللغة الفرنسية بالمدرسة الابتدائية، وهو يسألنا:
بماذا تحلمون عندما ستصبحون كبارا؟ أو بعدما ستنهون دراستكم الجامعية؟ وقد كان يقصد وقتذاك المهنة أو الاندماج في سوق الشغل.
كان يرد مراد عندها: dentiste، يتبعه نبيل: Avocat، تقاطعه سناء بصوت عال: Moi médecine، أما أنا فلا أخفيكم سرا أنني كنت أقول دائما وبفرنسية متقطعة: "Moi j'ai beaucoup des rêves mais…." ، وفي قرارة نفسي أعني أنه مهما كبرت درجات الأماني عندي فإنه سيصعب تحقيقها بالنظر إلى الإكراهات، العوائق، الحواجز، المثبطات والأشواك التي قد تواجه البعض، في حين أن البعض الأخر قد يجد طريقه مفروشا بالورود، وهو يتنقل من منصب إلى أخر ويصعد من درجة سلم إلى أخر)السلم الإداري طبعا(.
قد أبدو للبعض متشائما، لكني أعود وأقول جازما أن الجامعة المغربية خلال العقدين الأخيرين بصعب إن لم يكن يستحيل أن تفرز جيلا قادرا أن يعمل شيئا بالشهادة "الخاوية" التي قد يحصل عليها والتي قد تسهل عليه الطريق لولوج سوق الشغل، رغم أن العديد من حاملي الشهادات عندنا يفضل أن يدخل "سوق راسو" عوض أن يطالب بعمل قد يأتي وقد لا يأتي، وقد يجر عليه الويلات والمشاكل في حالة الاحتجاج.
عندما تقضي ثلاث سنوات في جامعة مغربية ما تشعر وكأنها ثلاثة أيام؛ إذا نظرت إليها من زاوية هزالة التكوين وضعف التحصيل، الذي إذا لم يتلقاه الشخص في الجامعة أعتقد جازما أنه يستحيل أن يتحصل عليه في مكان أخر، أما إذا نظرت إلى المدة من زاوية أخرى فستجدها طويلة جدا ومليئة بالشقاء والمعاناة، جامعة غاب عنها الجد والعمل، فأصبحت بالنسبة لبعض الأساتذة سوقا لترويج كتب هزيلة علميا، وبالنسبة للبعض الأخر متنفسا مريحا من بعض الأمراض النفسية التي يعانون منها، وإلا فكيف يفسر أن يطلب " أستاذ" رقم هاتف طالبة وهي تستعد لتجيب عن سؤاله في الامتحان، بعدما كاد يخرج منها شيء أخر ومن مكان أخر تعرفونه جميعا، تحكي لي تلك الطالبة الأسبوع الماضي وهي تبكي وقد حز في نفسي كثيرا.....
من جهة أخرى وهذا ما لا يعرفه بعض الطلبة أن العلاقات، التصرفات بل وحتى العقليات داخل الجامعة تختلف عنها في أيام "السكويلة"، لذلك كنت لا أتعجب عندما أرى "نوفل" وهو يجوب ساحات كلية الآداب بمرتيل يلعب تارة بالماء وتارة بالتراب نناقش مواضيع "كبيرة علينا" حينا ونلعن "جد القراية" أحايين أخرى في جو كنت أعتبره مسليا يبعدنا عن ملل الدروس وكلام الأساتذة النشاز. أما "محمد" بابتسامته العريضة فقد كان جديا ساعة الجد، في حين تجده ولدا مشاغبا ساعات أخرى عديدة.
قضينا أياما جميلة، إلى أن غادرنا يوسف وحمزة وقد كانوا محظوظين.
أما الطفل البحري، فقد كان خارج نفسه دائما، تائه وشبه فاقد للذاكرة، ربما لأن أحلامه كانت كثيرة كما جاء في البداية أو لأنه فشل في توجهه الدراسي، ربما؛ فقد كان يرى نفسه صحفيا مرموقا، مغني "راب" مشهور، لاعب للكرة الحديدية ورجل أجمل فتاة في البنغلاديش، و....
بعيدا عن جو الجامعة، قريبا من الذكريات دائما، أتذكر يوما كيف سمعت أمي الطرق على الباب، فهرولت مسرعة نحوه، لتخبرني أن رجلا على الباب ينتظرني، "جمعت الوقفة" بسرعة الضوء لأجد شخصا فارع الطول، ضخم الجثة وعلامات القلق بادية على محياه، طلب مني أن أرافقه إلى مكان ما لم يرد تحديد موقعه، فقط أنه طمأنني أن رجلا عظيما من المدينة ينتظرني، وصلنا، وقد رافقني ذلك الشخص إلى بناية ضخمة، رأيتها حينئذ قصرا كبيرا، فندق خمسة نجوم، أو فيلا مؤثثة كتلك التي أراها في المسلسلات التركية، استقبلني "الرجل العظيم" استقبال الأبطال، أخبرني أنه سيزوجني ابنته الوحيدة، وأنه سيمنحني منزلا لا يوجد مثيله في المدينة، وأنه سيشغلني رئيس تحرير في أكبر المؤسسات الإعلامية التي كنت أحلم فقط بأن أكون "صحيفي" صغير داخلها، "طرت بالفرحة" وأنا أرى الكثير من الأماني وهي تتحقق إلى أن استيقظت على وقع ضربة قوية توجه صوب ظهري، وصوت يناديني: "نوض أشكارة باركة عليك من النعاس."

هناك 3 تعليقات:

جمعية قدماء ثانوية الفقيه داود التأهيلية يقول...

أحلامنا أوهامنا
ذات يوم سيصبح الحلم حقيقة أو تصبح الحقيقة وهما ، ذات يوم ستبزغ شمس واقع آخر ، و عالم آخر ، و ربما تكون الشمس غير الشمس و القمر غير القمر ...
لا اعرف لماذا نضحك من أحلامنا عندما نكبر
هل لأننا كبرنا ، أم لأن أحلامنا هي التي كبرت .. لست أدري عماد ... لكن ، أترك أحلامك تكبر ، أتركها تلعب بجوار هذا الواقع ، فقد تحتاجها ذات يوم .
أنت في مقتبل العمر ، أنت في مقتبل الحلم ، فكن دائما كبيرا كأحلامك ... أيها الكبير ... دمت حالما ، عازما ..

من صديقك الحالم مثلك : فخر الدين

غير معرف يقول...

ewa llah ye3tik akhy ma f niytek oyefta7lek biban lkher onjami3 talaba delmaghreb.bel7a9 3meltiha fina 7assbaha dbesa7 wo93etlek.chokran kanet 9issa jmiiila.

الحالمة يقول...

اتعرف انني لازلت انتمي لتلك الفترة الزاهية, ولازال هناك من يسالني عن احلامي المستقبلية لكنني لا استطيع يوما اعطاء اجابة شافية مع كوني
اضحك دائما من حلم "دونتيست" و "افوكا" فاحلامي اكبر من ذلك بكثير
حلمي ان اكون ممن يضعون حجر الاساس للحضارة الانسانية,حلمي ان اصير يوما ما اريد رغم اني لا اعرف ما اريد
معذرة على هذا الهذيان فقصتك جعلتني اتصور اياما واياما من هذه السنين المقبلة دم حالما