ترحيب

.....مرحبا بكل الزوار الأوفياء

27 أبريل 2009


أكاذيب أبريل
عماد أرجاز الشرفاوي
نحن أطفال رغما عن أنفسنا؛ نغضب لأتفه الأسباب، نشتم من يعاكس تحقيق رغباتنا، نبكي على من يهجرنا، نصرخ في وجه كل من يصدنا ونكذب، أوليس الكذب معقل الأطفال؟؟ أليس الكذب سبيل الأطفال لإقناع الكبار؟؟.
أنا طفل؛ وقد تأكدت من ذلك بعد شبه يقين، طفل يسرع، يترنح ويغفو بل ويكذب أيضا.
في هذه الأيام بالذات، أحس برغبة جامحة تدفعني نحو الكذب، أشعر بشوق متلهف يجرني لقول أشياء ليست صادقة؛ ربما الأسباب تكمن في إحساسي بالضغط، بالإحباط والانكسار؛ أمضي جل وقتي وحيدا، بين الحنين إلى ماض قريب جميل، وبين حاضر غامض مطبوع بالخوف والحيرة، وبين مستقبل أتمناه جميلا، تخترقه سهام بالحب لتصيب قلبه وترديه سعيدا، أو الأسباب راجعة ربما فقط لأننا في شهر أبريل حيث تكثر الأكاذيب والإشاعات والأشياء غير المعقولة، دعونا من هذه الأسباب وغيرها ولنكذب قليلا إذن:
قال الإنجليز يوما أن كل شيء مباح في الحرب والحب، كلام أثبت أبناء الأميرة إليزابيث جدوته وصدقيته، لم يكن كذبا عندما شنت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها حليفها الاستراتيجي المملكة المتحدة، وبالطبع بمعية أصدقاء "ماما أمريكا" بالمنطقة العربية، حربا ضروسا وطاحنة ضد دولة العراق العظيمة بحضارتها وعراقتها الموغلة جذورها في عبق التاريخ، حرب خلفت وما زالت ألاف القتلى والجرحى والإصابات، وجرفت وراءها قرونا من الحضارة والجغرافيا والجمال.
أباح البريطانيون لأنفسهم غزو العراق واحتلاله ونهب ثرواته تحت ذرائع انكشفت عوراتها بمجرد أن وصل أول جندي بريطاني إلى عاصمة الرشيد. كان كذب وبهتان أن يقول هؤلاء أنهم ذاهبون لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان بأرض بغداد، وأنهم سيخلصون الشعب العراقي من جبروت وسلطان الطاغية – غير المأسوف على رحيله – صدام حسين. بكذبة واهية أصبح العراق في خبر كان، وهاهو الرئيس الأمريكي الجديد يطل علينا بكذبة أخرى مفادها أن بلاده لا تسعى إلى الاستمرار بالعراق وأنها ستترك أموره لأبناء الدولة وأنها يضيف أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية كذبا أن لا طمع لديها في خيرات بغداد ومقدراتها، من سوء حظ الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما أننا في منتصف شهر أبريل، فمن سيصدق هذه الكذبة يا حسين؟؟
في الكذب سقط الإنجليز إذن، ويا ليته كان أبريل وقتذاك عندما كان رئيس الوزراء البريطاني السابق عندها قد أعلن أن بلاده ستشارك في غزو شمال العراق وجنوبه، وذلك حتى نقول أنها كانت فقط مجرد كذبة أبريل، لكنه كان شهر مارس وشن متعهدوا خلق الشرق الأوسط الجديد حربا شرسة على الشعب العراقي.
لنجعلها نحن كذبة أبريل ولنقل بصريح العبارة؛ ستشن جمهورية الكونغو الديمقراطية و حليفتها الموزمبيق وبدعم لوجيستيكي من حكومة الباهاماس غزوة لتحرير البيت الأبيض من قبضة رعاة البقر، وعندها سيتم منح أبناء العم سام مزيدا من الديمقراطية والحرية والأمن، سنخلص العالم من طاعون هذا العصر وسنجعل من هذا الكون فضاء منزوع السلاح، هادئ الجانب.
انتهت الكذبة.
إذا كان البريطانيون والأمريكان قد أباحوا لأنفسهم كل شيء قصد تحقيق مصالحهم ولو فرض عليهم ذلك شن حرب على دولة أخرى، فأنا كذلك مستعد لأن أبيح لنفسي كل شيء، لكن هذه المرة في الحب وليس في الحرب؛ فما دام الحب أعمى -كما يقول المغرمون- سأقوم عن قصد مع سبق إصرار وترصد حيلة، بفقء عيني وتحويل كل ما بجانبي إلى ظلام قاتم حيث لا أرى شيئا غير "الست" التي أحلم يوما أن تكون من نصيبي، نسافر معا في عوالم الجمال وإلى مكامن القفار التي لا يصل إليها "عفريت"، ولو كان ذلك سينقلنا إلى جزر "هونولولو" السحيقة. ولا أخفيكم سرا أنني قمت بالفعل ذات يوم بزيارة إلى أقسى مكان كانت "الصديقة خديجة" ترغب أن نزوره معا، لكنني لم أقبل أن ترافقني، وغادرت يومها وحيدا، لا يهم الأسباب بقدر ما يهم الحدث ، فعلى أية حال ذهبت وحيدا إلى ذلك المكان الذي لن أحدد لكم إحداثيات جغرافيته، لأنني ببساطة سأعود إليه الأسبوع المقبل وأخشى أن تتتبعوا خطواتي نحوه.
قد نقسو ذات يوم على أحد، أو نكون نحن سببا في شقائه وتعاسته، أو من جهة ثالثة تشاء الأقدار أن تجمع أناسا بالصدفة، ثم تشاء نفس الأقدار لأن تفرق شملهم، هي بالفعل الصدفة أو دعنا نقول لعبة القضاء والقدر كما سماها أديب أحمق ذات يوم. فمعذرة إن كنت عن غير قصد سببا في شقاء أحد، أو أنني أسأت فهم شخص يكن لي كل الحب والتقدير.
دعوني أكذب على نفسي أخيرا هذه المرة، مؤمنا بمصير القضاء والقدر المحتوم الذي ينتظرني؛ الطفل البحري الفاتن، العاشق للرياضة، الكرم والنوم ينتظر زورقا سيحمله إلى مكان اللاعودة حيث الملعب وحلبةالسباق، قبر حاتم الطائي وسرير من ريش النعام.
إنه أبريل يا أصدقاء، فمعذرة مرة أخرى عن "الدخول والخروج في الهضرة".

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييك أخي عماد على خواطرك "الهونولولوية" --نسبة إلى جزر الهونولولو--..أشد على يديك، وأتمنى لك مسيرة موفقة بإذن الله....