ترحيب

.....مرحبا بكل الزوار الأوفياء

27 أبريل 2009

مقال

تردد كثيرا قبل أن يدخل يداه في جيب سترته ، و استخرج منها ورقة ،سلمها لنا و هو مبتسم ، و بكلماته القليلة نطق :
هذه تلك المرثية التي حدثتكم عنها البارحة
سارعنا في أخذها و ذهننا متسابق إلى مكانها ، و أدركنا مباشرة أنها ستعلو صفحة مدونتنا الإلكترونية المتواضعة غدا
- هذا لا شك فيه ... أجابني صديقي فخر الدين عندما أخبرته بذلك .
في هذا النص الجميل و الصادق و المفعم بقيم الحب و الوفاء ، يجد الأستاذ و المبدع حسن الدردابي نفسه مرغما على الوقوف لحظة رثاء في حق صديق عزيز عليه و على سكان مدينة المضيق ، محمد الميموني الذي وافته المنية في حادث مروع كما يصف حسن ذلك . يحاول حسن مخاطبة روح محمد بشكل تساؤلي حينا ، و بشكل أجوبة حينا آخر ، فتسري المعاني و تنطلق الكلمات في قالب حرٍّ و تلقائي تكشف عن شكل علاقتين مترابطتين ، الأولى بين محمد الميموني و حسن ، و الثانية بين محمد الميموني و كتبه التي عاش معها لتشأ الأقدار أن لا يفرقه بها شيء حتى الموت فحرقت أو ماتت معه أثناء الحادث .
يمهد حسن لرثاء محمد الميموني بمعادلة الشقاء المرتبطة بالكتب و المنتهية بها كما نظمها الكاتب عبد الفتاح كليطو ، و يختمها بمقولتين ، الأولى لهيدجر و الثانية لفرويد ، فمن سؤال الوجود إلى الوعي و اللاوعي يؤطر حسن شعورا عاشه بسماعه خبر وفاة محمد الميموني ، فقرر رثاءه ، و بكلمات صادقة كان الرثاء حاضرا .
اليكم هذه المرثية الشبيهة برقعة من رقاع ميلكيادس ، منجم ماكوندو في مئة عام من العزلة رائعة غابرييل غارسيا ماركيز .


الى الفقيد محمد الميموني الذي غادرنا في ظروف استثنائية

الشقاء يكمن في الكتب ... و الراحة هي التخلص من الكتب
ع . ف . كيليطو

ترى هل كان عبد الفتاح و هو يكتب هذه الكلمات يتحدث عن مأساتك لا عن محنة ابن رشد ...
هذه الكتب التي شكلت متعتنا منذ الطفولة أصبحت مع الأيام القاسية مهلكة . و أنت حبك للكتب كان أعمى فاحترق بها جسدك حيا و ميتا .. صُعقت عندما أخبرتني أختك فاطمة أنك احترقت في حادثة رهيبة و انت في طريقك الى الوطن .
و فجعت أكثر عندما أخبرتني أنك احترقت مع كامل كتبك ، و لوحاتك ، احترقت بصفحات من افلاطون و ديكارت و ماركس و نيتشه .
الكتاب الوحيد الذي نجى من المحرقة كان يحمل عنوانا أغرب من الخيال " ميتافيزيقا الحب و الموت " لشبنهاور . لن تصدق أنه الناجي الوحيد ، و الأغرب من ذلك هو ورقة وجدتها في الصفحة 61 من الكتاب بها استشهادان حول الموت و الحب الاولى لهيدجر و الثانية لفرويد .
وداعا صديقي الرائع ...
* لا أزال أرى دماء الكتب و أسمع أنين اللوحات و ألمس في دفاتري جراحا لا تلتئم *
أدونيس
* la question de la mort est le debut de la philosophie *
Heidegger

( 1 ) محمد الميموني : معتقل سياسي سابق توفي يوم 24 / 09 /
1995
حسن الدردابي
الرنكون

ليست هناك تعليقات: